أخـي الزائر/أختـي الزائرة أعضـاء المنتـدى يبذلون مجـهودات كبيرة من أجـل إفادتك .فبادر بالتسجيل لافـادتهم أو لشكرهم.ولا تبـق مجرد زائر فقط .نحن في انتظار ما يفيـض به قلمـك من جديد ومفـيد.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

أخـي الزائر/أختـي الزائرة أعضـاء المنتـدى يبذلون مجـهودات كبيرة من أجـل إفادتك .فبادر بالتسجيل لافـادتهم أو لشكرهم.ولا تبـق مجرد زائر فقط .نحن في انتظار ما يفيـض به قلمـك من جديد ومفـيد.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    الحب المحنط

    med.elfounti
    med.elfounti
    مشرف نادي الفن و الإبداع
    مشرف نادي الفن و الإبداع


    البلد : maroc
    عدد المساهمات : 41
    نقاط : 93
    تاريخ التسجيل : 08/02/2011
    العمر : 31

    الحب المحنط Empty الحب المحنط

    مُساهمة من طرف med.elfounti الإثنين 7 مارس - 16:25

    الحب المحنط



    ـ 1 ـ‏

    سأفاجئك بمنزلي الجميل.. لأنه تحفة فنية ليس لها مثيل في العالم!‏

    كثيراً ما ردد هذه الجملة على مسامعها، لهذا رغبت في رؤية منزله الذي طالما كلمها عنه. بل لم يجلس إليها مرة واحدة دون أن يحدثها عن التحف الكثيرة الموزعة في أرجاء منزله. لهذا لم تتردد في قبول دعوته في أول فرصة سانحة.‏

    عندما دخلت منزله للمرة الأولى لم يذهلها ما رأت، بقدر ما اكتشفت أنها لم تكن تعرف من أحبت بقدر كاف! فداهمها إحساس مريع بالخيبة المزرية، بقدر ما اجتاحها الذعر البشع المشوب بالرهبة المخيفة. فسقط الكمان من يدها دون أن تنتبه.‏

    لم يتوقع ردة فعلها، فلقد ظن أن وقفتها المتصلبة تعبير عن إعجابها بسحر منزله، فابتسم بفخر، وراح يتأمل عينيها المتسعتين دون أن يطرف جفناها، بإعجاب لم يره فيها قط.‏

    لكيلا تفقد الوعي أغلقت عينيها، ووضعت كفيها على وجهها، ثم استندت إلى الباب لئلا تقع أرضاً.‏

    فاقترب منها يريد مساعدتها في الجلوس على مقعد قريب، فلم تشعر بدفء أصابعه، بل شعرت كأن قطعة صلبة من الجليد تنغرس في خاصرتها. فرغبت بالصراخ بوجهه، واجتاحتها رغبة جامحة لشتمه، والبصاق بوجهه، برغم أنها لم تفعل ذلك من قبل تجاه أي إنسان. ولكنها لم تقدر، فظلت واقفة تستجدي الهواء لتخرج من حالة الاختناق التي حاصرتها.‏

    بصعوبة خرج صوتها من بين شفتيها اللتين غادرتهما الدماء:‏

    ـ دعني..‏

    وأضافت بصوت محبوس:‏

    ـ أريد أن أخرج.‏

    لم يشعر بالتبدل الكامل الذي حدث في داخلها تجاهه. بل ظنها تمازحه فقال باسماً:‏

    ـ لكنك لم تجلسي بعد..‏

    وأردف مؤكداً:‏

    ـ لقد اتفقنا قبل مجيئك أن نشرب عصيراً بارداً.. ثم تعزفين على الكمان مقطوعة الحب الخالد.‏

    ـ كيف تريدني أن أعزف وسط هذه الأشياء المرعبة؟!‏

    صاحت بوجهه مؤكدة رأياً لا يقبل النقاش، وهي تشير بأصابع مرتجفة إلى ما حولها.‏

    أطلق ضحكة غير مبالية، وقال باستخفاف:‏

    ـ هذه الأشياء غير مخيفة.. إنها لا تؤذي.‏

    ردت بغضب:‏

    ـ قد تكون غير مؤذية في الواقع.. ولكنها تؤذي الأحلام.. بل تقتلها!‏

    أصر على عدم الاقتناع برأيها، وسألها يريد إيضاحاً لن يقبله:‏

    ـ أتتكلمن جادة؟!‏

    ـ أجل.. أشعر أنني في مقبرة.. بل داخل قبر جماعي.‏

    ـ لا يوجد علاقة بين المقبرة المقرفة وهذه التحف النادرة.‏

    ـ بل يوجد.‏

    ـ كيف؟‏

    ـ أنا محاطة بالأموات هنا.‏

    ـ أنت غريبة الأطوار هذا المساء.‏

    ـ لم أكن أتصورك كقطعة من الصخر البارد!‏

    ـ حبيبتي.. إنها مجرد حيوانات أليفة.‏

    ـ إنها جثث!‏

    ـ كلا.. إنها محنطة.‏

    لم ترغب بالاستمرار في محاورته. فقالت حاسمة أمرها، وقد انفجرت دموعها الحبيسة:‏

    ـ لن نستطيع الاستمرار معاً.. حبي لك كان مجرد محاولة للعزف على أوتار مقطوعة.‏

    ثم أضافت مؤكدة، بعدما استجمعت شيئاً من رباطة جأشها، وتناولت كمانها عن الأرض:‏

    ـ سأحاول أن أنسى طوال حياتي أنني عرفت إنساناً ميتاً يبدو كالأحياء.‏

    ـ سأحاول أن أنسى طوال حياتي أنني عرفت إنساناً ميتاً يبدو كالأحياء.‏

    وأدارت ظهرها لـه، واتجهت نحو الباب تريد الخروج. فاعترض طريقها وهمس برجاء:‏

    ـ أرجوك لا تتركيني وحيداً.. أنت من استطاع أن يشعرني بالحياة.‏

    ـ لديك أمواتك اغرب عن وجهي.‏

    صرخت به وهي تمد يدها المرتعشة نحو مقبض الباب، ولكنه أمسك بيديها بقوة ليمنعها من الخروج، فسقط الكمان من يدها. فصرخت بأعلى صوتها تطلب النجدة، ولكنه أسرع بوضع يديه على فمها وضغط بشدة، فنفر الدم من شفتيها. فحاولت المقاومة للتملص منه، ولكنه أحاطها بجسده المتين البنيان، وبكلتا يديه أطبق على فمها وأنفها، فاختلج جسده النحيل بإلحاح قبل أن يهمد ويتسرب الدفء منه.‏

    ـ 2 ـ‏

    حملها برفق، ووضعها على الطاولة التي يقضي معظم وقته خلفها. ثم أخرج من أدراج طاولته، أكياساً من القطن الأبيض المعقم، والمشارط والمقصات، ومجموعة من الأسلاك مختلفة الأطوال والأشكال.‏

    وبدأ يمارس هوايته بإتقان اعتادته طويلاً يداه الخبيرتان. ولكن هذه المرة حاول أن يصنع معجزته الخاصة التي يريد من خلالها أن يبلغ ذروة مبتغاة.‏

    بعد الانتهاء من عمله. أوقفها في صدر الردهة بجانب النافذة المفتوحة، ليسقط عليها نور الشمس، وليداعب الهواء شعرها الطويل الناعم. ثم جعلها تمسك بيديها الكمان الذي لم يعد يصدر صوتاً. ثم طبع قبلة على وجهها الشاحب، وهمس بصوت خافت في أذنها المزينة بقرط طويل:‏

    ـ هكذا ستظلين معي في منزلي.. ولن تستطيعي الخروج أبداً...!!!‏

      الوقت/التاريخ الآن هو الأربعاء 18 سبتمبر - 18:18